اخبار الدراما التركيه

أزمة التسويق في صناعة الترفيه في تركيا: بين الحقيقة والأكاذيب

أزمة التسويق في صناعة الترفيه في تركيا: بين الحقيقة والأكاذيب

كتبت د/امل عبد العزيز
صاحبه القلم السعيد

تركيا، مثل العديد من البلدان، تمر بأزمة اقتصادية تؤثر على العديد من جوانب الحياة اليومية، بما في ذلك صناعة الترفيه. تعتبر المسلسلات والأفلام من أهم مصادر الدخل للبلاد، ومع ذلك، هناك ضرورة ملحة لمراجعة بعض الممارسات التسويقية التي قد تؤثر سلبًا على مصداقية هذه الصناعة في أعين الجمهور العالمي.

♦️التسويق كأداة أساسية لدعم الاقتصاد التركي

التسويق هو مجموعة من الاستراتيجيات التي يستخدمها المحترفون لتحديد احتياجات المستهلكين وابتكار أو تقديم قيمة لهم. في سياق صناعة الترفيه، يعد التسويق جزءًا أساسيًا من نجاح الأعمال التجارية، فهو الذي يدفع المبيعات والعقود والوكالات والرعايات. التسويق الفعّال هو ما يجعل العجلة تدور في هذه الصناعة، ويُسهم بشكل كبير في استمراريتها.

♦️كما قال فيليب كوتلر، أحد أعظم الخبراء في التسويق:

“أهم عنصر في معادلة النجاح هو معرفة كيفية التعامل مع الناس.” هذا المبدأ يجب أن يُطبق في كل جوانب صناعة الترفيه، حيث أن الجمهور هو العنصر الأساسي الذي يعتمد عليه نجاح أي عمل فني. تركيا، التي تتمتع بموارد وإمكانات ضخمة في هذا المجال، بحاجة إلى تعلم كيفية التعامل مع هذا الجمهور بشكل دقيق لخلق علاقة حقيقية تُبنى على الثقة والمصداقية.

♦️التسويق الزائف: خسارة الثقة وتحقيق مصالح قصيرة الأمد

مع بداية كل صيف، يظهر نمط تسويقي غريب في صناعة الترفيه التركية، حيث يتم نشر الأكاذيب والشائعات حول العلاقات الشخصية للفنانين. هذا النوع من التسويق يضر في النهاية بالفنانين أنفسهم، حيث يصبح الجمهور متعبًا من هذه الممارسات، مما يفقدهم الاهتمام بالعمل الفني ويجعلهم يشككون في مصداقية كل ما يتم عرضه.

تظهر هذه الأكاذيب في كثير من الأحيان في المسلسلات التركية، التي تركز على الحبكات المثيرة والعلاقات المتقلبة، مما يجعل الجمهور يشعر وكأن الفنانين يبادلوا الحب في كل موسم جديد. هذا السلوك يجعل الفنان يبدو سطحيًا ومتقلبًا، بعيدًا عن الصورة المهنية التي ينبغي أن يتحلى بها.

♦️دراسة المستهلك: أساس نجاح صناعة الترفيه

في أي صناعة، من الضروري دراسة السوق والمستهلكين، وهو أمر غائب في بعض الأحيان في صناعة الترفيه التركية. المعجبون هم من يصنعون النجاح، ويجذبون الأضواء إلى الفنانين من خلال دعمهم المستمر. لذا، يجب أن يكون تركيز المسوقين في هذه الصناعة على فهم احتياجات الجمهور والعمل على إرضائهم. الأكاذيب والتلاعب بالجمهور لن تجذب الانتباه على المدى الطويل.

♦️التحديات في جدولة البرامج: المنافسة القوية وعدم التنظيم

من أبرز المشاكل في صناعة الترفيه التركية هي الطريقة التي يتم بها جدولة البرامج والمسلسلات. على الرغم من تنوع الإنتاجات، إلا أن معظم المسلسلات تُعرض في نفس الفترة الزمنية، مما يجعل الجمهور في حالة تشتت وتنافس مستمر بين الأعمال الفنية. التوزيع السيء للمواعيد يخلق صعوبة في جذب الانتباه، ويؤثر على نجاح الأعمال.

♦️بالإضافة إلى ذلك، تكرار نفس الأفكار في المواسم المطولة يجعل الجمهور يشعر بالملل. تكاد القصص تتشابه في حبكتها، حيث يتم نسخ المشاهد مع تغييرات بسيطة، ويظهر الزواج والخيانة بشكل رومانسي. كل هذه العناصر تُفقد المسلسل أصالته وتجعل الجمهور يتساءل عن مصداقيته.

♦️التأثيرات السلبية للأكاذيب على المصداقية

أحد العوامل التي تجعل هذه الممارسات التسويقية غير فعّالة هو فقدان المصداقية. جمهور اليوم لا يمكن خداعه بسهولة، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بعلاقات الفنانين وحياتهم الشخصية. الأكاذيب التي يتم نشرها بخصوص العلاقات العاطفية بين الفنانين لا تسهم في تعزيز مصداقية المنتج الفني بل على العكس، تساهم في تدميرها.

♦️المنافسة داخل نفس الشركات: تحديات أخرى لصناعة الترفيه

هناك أيضًا منافسة شديدة بين الأعمال التي تنتجها نفس الشركات الإنتاجية والقنوات التلفزيونية. في كثير من الأحيان، نجد أن الأعمال المميزة تُعرض في نفس الوقت، ما يؤدي إلى إضعاف حضور كل عمل على حدة، وبالتالي يقل دعم الجمهور لكل عمل على حدة.

♦️الإلهام من الرواد: العودة إلى الأسس الأدبية في الدراما

يجب أن تكون القصص في المسلسلات التركية أكثر تعقيدًا وإبداعًا. بدلاً من التكرار والتجديد المستمر في نفس الموضوعات، ينبغي أن يستلهم الكتاب والمبدعون من كبار الأدباء في التاريخ مثل ويليام شكسبير، ميغيل دي سرفانتس، جاين أوستن، وماري شيلي. هؤلاء الأدباء قدّموا قصصًا عميقة مليئة بالمشاعر والتعقيدات التي تدوم عبر الزمن.

♦️وكثيرا جدا صرحوا كثير من الممثلين في مختلف الدول بنفس الكلام بصيغ مختلفه ومن ابرز هؤلاء الفنانين هي الممثلة الشهيرة مارلين مونرو ذات مرة بتصريح مثير للجدل حول الشهرة والنجاح في عالم الفن، قائلة:

“إذا كنت ترغب في تحقيق الشهرة بسرعة، والحفاظ على وجودك الدائم، وجني الكثير من الأموال، فعليك اتباع بعض الأساليب التي قد تكون محل انتقاد. من بينها التقرب من المنتجين، بناء علاقات مع إعلاميين بارزين، والعمل بشكل مطيع تحت إدارة وكالتك.”

هذا التصريح أثار جدلًا واسعًا لأنه يعكس وجهة نظر نقدية تجاه بعض الممارسات في صناعة الترفيه، حيث أشار إلى الطرق غير التقليدية التي يلجأ إليها البعض لتحقيق النجاح والشهرة.

♦️ بصراحة وباختصار. برأيي، إذا لم تكن هناك ترويجات مبالغ فيها أو أخبار مثيرة للجدل، لما تصدر بعض المشاهير قوائم الأفضل بشكل دائم. هذا الأمر لا يقتصر فقط على الفنانين العالميين، بل يشمل العرب أيضًا. للأسف، أصبح الاهتمام بالفضائح أكبر من التركيز على تقييم الأداء الفني أو السينمائي، مما يجعل الكثيرين يسعون فقط وراء المصالح. صحيح، الفنان يتحمل جزءاً من المسؤولية عندما يقرر الدخول في هذه الدوائر التجارية والمساومات التي قد تؤثر على قيمته الفنية. أحياناً، بسبب الطمع في الشهرة والمال، يقدم بعض الفنانين تنازلات قد تؤدي إلى فقدان استقلاليتهم الفنية والإنسانية. في بعض الأحيان، يُستغل الفنان في هذه البيئة من قبل الوكالات التي تستفيد من نقاط ضعفهم وطموحاتهم، مما يجعلهم يتحولون إلى مجرد أدوات دعائية بيد الآخرين.

من المهم أن يدرك الفنانون أنه لا بد من التوازن بين النجاح التجاري والفني، وألا يسمحوا لأنفسهم بأن يصبحوا مجرد منتجات ترويجية. إن الحفاظ على المصداقية والكرامة في هذا المجال هو أمر ضروري للحفاظ على سمعتهم ونجاحهم على المدى الطويل.

♦️ ضرورة العودة إلى المهنية والصدق

في الختام، يتضح أن صناعة الترفيه في تركيا بحاجة إلى مراجعة شاملة لتسويق المسلسلات والأفلام. يجب على المنتجين والمسوقين إعادة النظر في أساليبهم التسويقية التي تقوم على الأكاذيب والشائعات والتركيز أكثر على بناء علاقة قوية وحقيقية مع الجمهور. النجاح لا يأتي من الأكاذيب، بل من المصداقية والاحترافية في تقديم المحتوى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى