بقلم /أسماء النادي
♦️اكتشاف الخيوط المفقودة
في هذا الفصل الجديد من رواية “حبي المتمرد”، يتابع القارئ رحلة خليل وزينب التي تحمل طابعًا من الغموض والتشويق، حيث تنكشف المزيد من الحقائق حول ماضي خالة زينب وتفاصيل مثيرة حول شخصيات محورية.
♦️التحرك نحو المجهول
تحركت السيارة بعد أن حددا وجهتهما .
نظرت زينب لخليل الممسك بتارة القيادة بتركيز شديد يعكس مدي إنغماسه في أفكاره ومخاوفه فقالت له محاولة أن تخفف من وطأة الموقف : حدثني إذاً عن السيدة “سيبيل” وكيف وصلت إليها وما مدي معرفتها بخالتك؟
إنتبه خليل علي صوتها فنظر لها ثم عاد ببصره للطريق وقال : حينما أخبرت إيران بإسم خالتي بالكامل لم يحتج الأمر منه لبذل جهد حينما بحث في دائرة الشئون الإجتماعية وحصل علي عنوانها السابق وعلم أيضاً أنا كانت طالبة في معهد الآلة الكاتبة
ثم ذهب للبلدة المذكورة والتي بالمناسبة هي بلدة صغيرة و وأدّعي أنه يبحث عن طالبات المعهد لعام ٢٠٠٠ لتكريمهم أو شيئاً من هذا القبيل ونظراً لأن الأمر كان منذ زمن لم يتواصل معه سوي إمرأتين إحداهما فقط من تعرفت علي إسم خالتي لذا أخذ منها موعد لأقابلها لأسلمها هدية ما حضّرها إيران وأحاول معرفة ما تعرفه عن خالتي
عندما وجد الصمت رداً لكلامه نظر لزينب فوجدها فاغرة فاها وتنظر له بصدمة قبل أن تقول : إنكم كالمحققين بالفعل كيف فكرتم في تلك الفكرة؟
قهقه خليل وقال وهو ينظر أمامه : من المحقق هل نحن أم من تسللت لغرفة خالتي لترضي فضولها؟
ضحكت زينب بخجل وقالت : يا إلهي لقد كان قلبي ينبض في حلقي من الخوف.
ثم نظرت لخليل وقالت له: هل بإمكاني تشغيل أغنية علي الراديو؟
قال لها خليل بترحاب : لكِ كل ما تريدين يا ملاكي
لم ترد عليه وإنشغلت بالبحث بين محطات الراديو حتي وجدت أغنية تحبها فرفعت الصوت قليلاً وأرجعت ظهرها للخلف وأسندت رأسها علي المسند وصدح صوت المطربة يقول :
جادك الغيـث إذا الغيـث همـى
يـا زمـان الوصـل بالأنـدلـس
لـم يكـن وصـلـك إلا حلـمـا
في الكرى أو خلسـة المختلـس
إذ يقـود الدهـر أشتـات المنـى
ينقـل الخطـو علـى مايـرسـمُ
زمـرا بـيـن فُــرادى وثـنـا
مثلمـا يدعـو الوفودَ الموسـمُ
والحيا قد جلـل الـروض سنـا
فثغـور الزهـر فـيـه تبـسـم
نظر لها خليل خلسة فوجدها قد غفت وعلي ثغرها بسمة خلبت لبّه وقال في نفسه : كيف تليق بها كل الأغنيات!
حوريتي الجميلة
وصل خليل لوجهته وأوقف السيارة وإلتفت ليوقظ الجميلة النائمة بجانبه فرفع يده وربت علي وجنتها قائلاً : زينب زينب لقد وصلنا
فتحت عينيها ونظرت له وياليتها لم تفعل قال لها خليل : ما زلت أسقط صريع عينيك في كل مرة تنظرين إلي
تنحنت زينب بخجل وقالت متجاهلة غزله بها : هل وصلنا؟
شعر خليل برغبتها في تغيير الحوار فلم يشأ أن يضغط عليها وقال : نعم هذا العنوان الذي أرسله إيران
♦️مقابلة غير متوقعه
ترجلا من السيارة وفتح خليل الباب الخلفي وسحب منه علبة مغلفة كان إيران قد وضعها بالأمس
وذهب لزينب قائلاً : نحن من لجنة تكريم المرأة أو أي شيئاً من هذا القبيل سأترك لك هذا الجزء
أومأت زينب وهي تغمز بعينها وتقول : لا تقلق أيها المحقق هذا الأمر لدي
مشيا وهما يستطلعان المكان حولهما حتي وصلا للمنزل المنشود فتقدمت زينب وطرقت الباب وتهيأت لمقابلة إمرأة كبيرة في السن إلا أنها فوجئت برؤية فتاة في الخامسة عشر من عمرها تفتح الباب وتقول : من أنتما ؟
قالت زينب : عفواً أنستي نحن لجنة التكريم أتينا لتكريم السيدة “سيبيل” عن دورها في معهد الآلة الكاتبة عام ٢٠٠٠
قالت الفتاة الشابة بإحراج وخجل : آه أجل لقد تذكرت لقد قالت لي جدتي شيئاً عن هذا الأمر لكن لسوء الحظ جارتنا قد وقعت من علي الدرج وأصابت قدميها وجدتي قالت أن أتصل وأؤجل المعاد للغد ولكني نسيت
كانت الصغيرة خائفة من ردة فعلهم فرفعت نظرها لخليل الذي وجدته مكفهر والشرر يتطاير من عينيه فخافت وتراجعت للوراء فنظرت زينب للخلف وما أن رأت خليل حتي لكمته بشكل خفي بمرفقها وقالت للصغيرة بصوت رقيق : حسناً لا بأس يا جميلة سنأتي في الغد لجدتك ثم إقتربت منها وأضافت بصوت هامس : وليكن عدم إتصالك بنا سراً بيننا
تهلل وجه الصغيرة وقالت لزينب : حسناً إذن أراكما غداً
♦️التغيير في خطه الرحله
عادا للسيارة وخليل يقول لزينب : ما الذي كانت تفكر به تلك الفتاة حتي تنسي الإتصال لتأجيل المعاد!
لقد أتينا بلا هدف
قالت زينب محاولة تهدئة وتيرته المتصاعدة : إهدأ خليل إنها مجرد فتاة صغيرة ليس لها ذنب أعرف أنك متلهف لمعرفة الحقيقة لكن يوم واحد لن يضرنا
قال خليل : حسناً ماذا سنفعل الأن
زينب: سنعود للبيت بالتأكيد
قال خليل بإستنكار : لا بالطبع لا لن أقود تلك المسافة اليوم وغداً مرة أخري
قالت زينب وهي تفكر بصحة قوله : إذن دعنا نبحث عن أي مكان نقضي فيه ليلتنا وغداً نعود للمنزل بعد مقابلة السيدة “سيبيل”
تهللت أسارير وجه خليل وقال بتأييد : فكرة ممتازة هيا بنا نبحث عن نُزل قريب
بعد أن وصلا لنُزل قريب من بيت السيدة سيبيل وبعد أن أنهي خليل التسجيل
صعد وزينب للغرفة التي كانت بالرغم من صغرها إلا أنها خلابة ذات ألوان دافئة وشراشف مبهجة يتسلل منها ضوء الشمس علي إستحياء فيزيدها دفئ وبهجة
لكن المشكلة التي واجهت زينب كانت تجعلها غافلة عن تفاصيل الغرفة
الغرفة كانت لزوجين بها سرير واحد ولا يوجد بها أريكة
إذن أين سينام خليل!
قطع صوت خليل إسترسال أفكارها وقال لها : ما رأيك بالخروج ما زال الوقت باكراً للنوم
تحمست لفكرة الخروج من الغرفة وقالت : أجل بالتأكيد فكرة رائعة وسبقت خليل للخارج
فنظر في إثرها وقال لنفسه : شوقي لها سيقتلني في يوماً ما أنا أعرف
عندما رأي الغرفة إنهالت عليه ذكريات ليلة زواجه من زينب وغرفتهم الرائعة وشعر أن قلبه سيخرج من مكانه إن هو ظل معها بهذه الغرفة لذلك إقترح فكرة الخروج
أغلق الغرفة خلفه وذهب ليلحق بها.
♦️اللقاء مع السيدة سيبيل
في القصر كانت سونجول تجلس في الحديقة تتناول قهوتها فجائتها جولهان لتشاركها الجلوس وقالت : مساء الخير خالتي كيف حالك؟
قالت سونجول وهي ترتشف القهوة : بخير إبنة أختي بخير ثم أضافت وهي تدعي الإستكانة والرضوخ : لقد فكرت في كلامك جولهان بخصوص موضوع زينب وخليل
أنا أعتقد أنكِ محقة يجب أن أعطي للفتاة فرصة أخري ويكفي سعادة خليل بوجودها
تهللت أسارير جولهان وقالت لها مؤيدة : أجل خالتي حسنا فعلت حان الوقت لنرمي أحقاد الماضي خلفنا ونستمتع بالمستقبل.
هزأت سونجول رأسها مؤيدة وقالت بفضول : بالمناسبة أين هما الأن ليسا بالمزرعة؟
قالت جولهان وهي تنظر لساعة هاتفها : لقد خرجا مبكراً أظنهما ذهبا لإحدي الأراضي لمعاينتها بالمناسبة خالتي هل ما رأيك لو تحضر السيدة تولاي وإبنتيها للعيش معنا بداخل القصر أري أنه من غير اللائق وجودهما بالملحق
قالت سونجول محاولة إخفاء كيدها ورفضها : بالطبع جولهان بالطبع فنحن الأن عائلة
قالت جولهان ببشاشة : إذن سأخبر خليل حينما يعود.
وعادت سونجول ترتش قهوتها علي مهل وهي تفكر كيف ستتخلص من تلك الورطة المدعوة زينب.
♦️لحظات رومانسيه في المدينه
كانت زينب تشاهد المحلات التجارية وتمسك بيدها كيس من الفواكه المجففة التي يعرضها الباعة الجائلين وتأكل بإسمتاع وخليل بجانبها
يناظرها سعيد بشهيتها الكبيرة فتلك ثالث وجبة سريعة تتناولها في طريقهم للمطعم
ثم إبتسم في سره وقال : أعتقد أن هذه أعراض الحمل
ثم طرأت له فكرة مشاكسة فقال لها : يبدو أن الخروج من المزرعة أفاد شهيتك فأنا لم أرك تأكلين بشهية هكذا من قبل
إنتبهت لنفسها وقالت بحرج : أنا لم أتناول الإفطار صباحاً والخروج يفتح من شهيتي…ولكن إنتظر هل تعد ما أكله!
قال لها وهو يضحك : لا بالطبع ولكن أردت إغضابك لأنك حينما تغضبين تتخلين عن جمودك تجاهي وتعود زينب العنيدة للظهور علي الساحة مجدداً
أطرقت زينب ونظرت للأرض فإستغل خليل الفرصة وقال لها : ما رأيك أن نتخلي عن كوننا خليل وزينب الناضجين بمشاكلهم وخلافاتهم ونمضي باقي اليوم كزينب وخليل اللذان قابلا بعضها البعض ووقعا في الحب بدون أي ماضي ينغص عليهم سعادتهم؟
نظرت اه زينب بتردد فقال لها مشجعاً : أعدك صباحاً سنعود لطبيعتنا الخلابة هيا زينب وافقي من فضلك
فكرت داخلها وسمعت صوت قلبها يخبرها : ما المانع دعينا نمرح قليلاً إلي متي ستعاندي!
أنت تموتين شوقاً له ولتكوني علي سجيتك معه دعينا نفعل لن تخسري شيئاً
كان خليل يلاحظ الصراع الدائر داخلها لكنه لن يمهلها المزيد من الوقت يجب بمجرد الإنتهاء من أمر خالته أن يتحدث معها ويحاول إصلاح ذات بينهما فهو يعلم أنها من صميمها علي إستعداد لمسامحته حتي وإن كابرت فقلبها الكبير المسامح لن يصمد أمام هذا الخصام.
فجأة رفعت عينيه وقالت له بإبتسامة مشرقة : حسناً إذاً هيا بنا
تهللت أسارير وجه خليل وقال : من أين تريدين البدأ
قالت : نتناول طعامنا أولاً ثم نذهب لمدينة الملاهي
قال بلا مبالاة وهو لا يريد أن يلفت انتباهها لمعرفة بأمر حملها منتظراً أن تخبره بنفسها : ملاهي! ولكن ألا تعتقدين أنك سترهقين نفسك الأن؟
قالت زينب بطفولية : لقد وعدتني سابقاً هل نسيت!
ذاب أمام طريقتها وقال لها :أخبرتكِ سابقاً أنه إذا تحدثتي معي بتلك الطريقة سأنفذ لكِ ما تشائين
قالت له وهي تضحك بسعادة وتقول بإنطلاق : إذن هيا بنا
بعد أن أنهوا وجبتهم وذهبوا إلي مدينة ملاهي الموجودة بالبلدة
وكانت زينب كالطفلة الصغيرة منطلقة وسعيدة تجري وتضحك كأنها شخص آخر وخليل يلحقها بكل مكان محاولاً الإبطاء من حركتها وإختبار ألعاب لا ترهقها وهي تجري وتقفز في كل مكان وحينما يرفض ركوبها أي لعبة بحجة أنه يخاف أو لا يحبها تقلب شفتيها كالأطفال وتسير مطأطأة الرأس
حتي وصلا إلي دوامة الخيل فنظرت له وهي تقول : أرجوووك أرجوك خليل سأركب هذه فقط وأعدك سنرحل بعدها
كان ينظر لها مندهشاً من حيويتها وسعادتها البادية عليها فقط بمجرد أن قررت التظاهر يوماً بحال غير حالهم فما باله إذا قررت مسامحته تماماً يا لسعادته حينها
قال لها وهو يضع يديه بجيوب بنطاله : حسناً إذن سأشاهدك من هنا
ذهبت ليخرج هو هاتفه ويلتقط لها فيديو مصوراً وهي تلوح له بسعادة في كل مرة تدور اللعبة ناحيته
وحينما نزلت كانت تشعر ببعض الدوار فوقفت قليلاً تمسك رأسها فوقف خلفها خليل وألصق ظهرها في صدره وقال لها : إرمي بثقل جسمك عليّ ودعينا نستريح قليلاً
إستجابت لدعوته وألقت بثقل جسدها عليه وهو ممسك بها من خصرها حتي إستعادت إتزانها قليلاً وقالت : أنا بخير هيا مازال هناك ألعاب لم أجربها
لفّها خليل لتقف قبالته وقال لها بصرامة حنونة : زينب لقد إتفقنا دوامة الخيل كانت آخر لعبة
قالت بنزق : حسناً حسناً لكن علي الأقل دعنا نجرّب حظنا في لعبة الرماية
قال لها خليل : وبعدها سنعود للنزل لترتاحي إتفقنا؟
قالت وهي تصفق : إتفقنا
ذهبا ليبحثا عن لعبة التصويب وحينما وجداها قالت له : هيا يا بطلي أحضر لي أكبر دمية
نظر لها خليل وحبها بداخله يجعل قلبه يتضخم و قال لها بثقة : إنظري وتعلمي زوجتي العزيزة
أمسك البندقية و ظبط وضعيته وأصاب أول هدف بمنتهي السهولة فصفقت زينب بجذل وهي تهتف : هيا خليل هيا
ثم ضرب الهدف الثاني والثالث وسلم البندقية للمسؤول عن اللعبة فقال له الرجل : هنيئاً لك سيدي أحسنت هيا إختر الأن الدمية التي تريدها
فأشار خليل لزينب لتتقدمه لتختار فإختارت دمية علي شكل أرنب وردية اللون تكاد تماثلها حجماً فإقترح عليها خليل حملها ولكنها رفضت وإحتضنتها كالأطفال
♦️هدوء العودة
كانت رحلة العودة هادئة وما أن دخلا غرفتهما في النزل إلتفتت له زينب وقال له بإمتنان : شكراً خليل لقد كان يوماً لن أنساه
وما تن همّت لتذهب من أمامه حتي باغتها ممسكاً يدها وجذبها إليه حتي إلتصقت بصدره ولفحتها أنفاسه الساخنة فنادت عليه بوهن قائلة : خليل
رد عليها بصوت أجش : دعيني فقط أخذك بين ذراعي الليلة
حاولت الرجوع للخلف فوضعت يدها علي صدره ودفعته للأمام ولكنها كانت كمن يحاول زحزحة جبل
أسند رأسه علي مقدمة رأسها وقال لها : أعدك أني سأحتضنك فقط دعيني أنام الليلة قرير العين وأنت في أحضاني
وكأن كل مقاومتها إنهارت حينما رفعت ذراعيها تلفها حول رقبته حتي سمعته يتأوه وأحكم ذراعيه حولها ورفعها عن الأرض وذهب بها بإتجاه فراشهم ووضعها في ثم تمدد بجانبها وأخذها بين ذراعيه وهي تقول لنفسها لتسكت صوت عقلها : الأن أنا في أحضان حبيبي خليل في الصباح عندما يحل الصباح سنعود لسابق عهدنا أما الأن فلا مجال للتفكير وسرعان ما غطت في النوم وهي بين ذراعيه
علي عكسه كان كلما غفا إستيقظ ليتأكد من وجودها بين ذراعيه ويغمر أنفه في شعرها يستنشق عبيره الفواح حتي إنبلج الصبح
حينما إستيقظ لم يجدها بجانبه فعلم أن اليوم الذي أهدته إياه قد وصل لنهايته هذا الصباح
فقام ينتظر خروجها من دورة المياه وما أن خرجت حتي إلتفت لها وقال : صباح الخير
نظرت لها ومشاعرها تعتمل بداخلها مزيج من الخجل وتأنيب الذات ومحاولات واهية لتستجمع شتات نفسها فقالت له بصوت حاولت أن يكون حيادي : تقصد مساء الخير نحن في الظهيرة
نظر لساعته متفاجئاً هل حقاً نام كل ذلك الوقت
وسمعها تقول : هيا تجهز حتي لا نتأخر علي موعدنا مع السيدة سيبيل وإلتهت تضب أغراضها من الغرفة
♦️اللقاء المنتظر مع السيدة سيبيل
وصلا إلي منزل السيدة “سيبيل” وطرقا الباب وفتحت لهما إمرأة في منتصف الخمسينات يبدو عليها الوقار مع لمحة واضحة من جمال لم يستطع مرور الزمن إخفائه وقالت لهما بنبرة مرحبة : مرحباً بكم في منزلي المتواضع وأعتذر عن تأجيل معاد الأمس…حفيدتي أبلغتكم أليس كذلك؟
قالت زينب مسرعة : بالطبع سيدة سيبيل لقد أبلغتنا
قالت لهم وهي تدعوهم للدخول : تفضلوا للداخل إذن
وبعد أن جلسوا جميعاً قال خليل : الأن سيدة سيبيل عندما بحثنا عن أصدقائك لتكريمهم لم نعثر سوي عليك وعلي أخري ولكنها إعتذرت عن إستلام هدية التكريم لكونها خارج البلدة
قالت بشجن : نعم يا بني لقد تفرقت بنا السبل وترك الجميع البلدة ذاهباً وراء أضواء إسنطبول الباهرة…وأشارت للمجموعة من الصور المؤطرة وقالت مازلت أحتفظ بصورة جماعية كنا أخذناها في وقت ما
قامت لتحضر الصورة وتريها لزينب وخليل الذي تعرف علي خالته علي الفور وقال : تلك المرأة هل تعرفينها؟ أظنها مألوفة بالنسبة لي
قالت سيبيل علي الفور : هذه سونجول
كانت فتاة شابة جميلة تطمع بأن تأخذ من الحياة كل ما تستطيع
قال خليل مدعياً اللامبالاة وهو يسأل : هل ذهبت هي الأخري لإسطنبول؟
قالت سيبيل : علي العكس تماماً لقد إنتقلت لتعيش مع أبناء أختها بعد أن وافت أختها المنية
قال خليل : كم هي إمرأة أصيلة ووفية لأختها
قالت سيبيل : لا ندري هل كان الوفاء دافعها أم أمراً آخر
تنبهت حواس خليل وقال : ماذا تقصدين؟
قالت سيبيل : لقد كانت كما قلت لك فتاة طامعة بأخذ كل ملذات الدنيا
وكانت ما كثيراً تذهب لزيارة أختها في بلدتهم
وفي إحدي المرات رأت رجلاً شاباً كانت لا تكف عن وصف مدي نبالته وثراءه لنا في المعهد
ولكنها فيما بعد عرفت أنه متزوج وله أطفال إلا أنها لم تكف عن ملاحقته مما أثار إستياء أختها وزوجها وطلبوا منها عدم الذهاب لزيارتهم ثانية لسوء تصرفها مع هذا الشخص الثري ثم حدث أن قام زوج أختها بسرقة هذا الرجل الثري أو هكذا قالت الشرطة
لا أذكر تحديداً ماذا حدث ولكن كل أذكره أنها عادت في إحدي المرات لتجمع أغراضها وقالت أن أختها في ورطة كبيرة ويجب أن تكون بجانبه منذ ذلك الحين إنقطعت أخبارها
وبعد فترة سمعنا بوفاة أختها وزوجها وأنها تولت رعاية أبنائهما منذ ذلك الحين
كان خليل كمن سقط علي رأسه دلو من الماء البارد لا يستطيع الرد ولا يري أمامه من شدة غضبه الذي لاحظته زينب فقالت للسيدة سيبيل وهي تمد يدها بالهدية : حسناً سيدتي نشكرك جزيلاً لإستقبالك الرائع لنا ونود أن نقدم لك هدية بسيطة لإنجازاتك في معهد الآلة الكاتبة ونعتذر عن الإطالة
قالت المرأة ببشاشة وهي تأخذ الهدية من زينب : أنا من أشكركم علي حُسن تقديركم لنا وأشكركم نيابة عن كل زميلاتي
ثم نقلت نظرها لخيل وقالت بقلق : هل أنت بخير بني وجهك يبدو مصفراً
لم يبدو علي خليل أنه سمعها فنكزته زينب في ذراعه لينتبه ويقول للسيدة سيبيل : شكراً لك سيدتي أنا بخير
عن إذنك
وخرج وزينب تودع السيدة اللطيفة وما أن ركبا السيارة حتي إنطلق بها كالمجنون
كانت زينب تري مفاصله مبيضة من كثرة الشد علي مقود السيارة وبالرغم من مكيف السيارة إلا أنه كان يتصبب عرقاً نادته لكنه لم يستمع فلمست يده الممسكة بالمقود فتوقفت السيارة فجأة
شهقت زينب من قوة إرتدادها للأمام إلا أن ذراعاً قوية حالت بينها وبين الإصطدام بالزجاج الأمامي للسيارة
نظرت لخليل فوجدته ينظر إليها كمن يستغيث ويقول : لقد كانت هي يا زينب كانت هي من تترصد والدك وهي من سرقت قلادة والدك أيضاً لكن كيف كيف!