العقول وأثرها في كتابة المسلسلات: نقاش بين الأفكار والأحداث
كتبت د/امل عبد العزيز
صاحبه القلم السعيد
في عالم الدراما التلفزيونية، لا يقتصر النجاح على جودة التمثيل أو الإنتاج فقط، بل يتجاوز ذلك إلى قوة السيناريو وعمق الأفكار التي يعالجها. بعض الأعمال تركز على الشخصيات والأحداث، بينما يتعمق البعض الآخر في مناقشة الأفكار الكبرى والفلسفية. وفي هذه المقالة، سنتناول
♦️الفرق الكبير بين مسلسلي “شراب التوت” و”البراعم الحمراء” من حيث طريقة تناول الأفكار والأحداث.
كتّاب “شراب التوت”: تركيز على الأحداث والشخصيات تُظهر الكاتبات في “شراب التوت” ميلاً للتركيز على العلاقات والأحداث السطحية. مع بداية المسلسل، كانت هناك بعض القضايا والصراعات الاجتماعية، ولكنها قُدمت بشكل مباشر ومحدود. كان تركيزهم منصباً على الشخصيات وحياتهم الشخصية، وما إذا كانوا يتورطون في علاقات معقدة أو يواجهون خيانات. هذا التوجه جعل الكتابة تبدو محدودة في إطار الأشخاص بدلاً من التركيز على أفكار عميقة.
مثال حديث على هذا التوجه هو قرار حذف مشهد لعلاقة غير لائقة بين جيراي وزوجة والده. هنا يظهر التركيز على الحدث والشخصيات فقط، مع إهمال تحليل أعمق للأفكار وراء هذه العلاقة. لماذا يجب أن تكون هناك خيانة إضافية؟ كان يمكن معالجة هذه القضية بشكل أكثر ذكاءً عبر تقديم أبعاد فكرية للمشكلة، ولكن الكاتبات اختاروا البقاء في إطار الأحداث.
“البراعم الحمراء”: ساحة للأفكار الكبيرة على النقيض، يتميز “البراعم الحمراء” بتناول أعمق وأكثر فلسفية للأفكار. الكاتب يوجه الشخصيات إلى نقاشات فكرية، بحيث كل شخصية تتبنى فكرة معينة وتقوم بتطويرها تدريجياً. الفكرة هنا ليست فقط في عرض الأحداث، بل في تفسيرها، تحليلها، وفهم الآثار النفسية والاجتماعية التي تترتب عليها.
منذ بداية المسلسل، كان الكاتب يعرض الأفكار الكبيرة بشكل يجبر الجمهور على التفكير، مثل العلاقات بين الأفراد وتأثيراتها على المجتمع، والتحولات الشخصية التي تخضع لها الشخصيات بناءً على قناعاتهم. هذه الكتابة تعكس عقلاً يركز على الأفكار وحلولها، وليس فقط على الصراعات السطحية بين الشخصيات.
التأثير الثقافي والفرق الفكري الفرق الواضح بين المسلسلين يعود إلى خلفية الكتاب الثقافية. بينما تبقى كاتبات “شراب التوت” في مستوى العقول الصغيرة والمتوسطة، يعكس “البراعم الحمراء” رؤية فلسفية تنتمي إلى فكر العقول الكبيرة التي تناقش الأفكار والحلول المجتمعية.
في النهاية، يظهر بوضوح أن العقول الكبيرة تناقش الأفكار، وتجعل من الدراما أداة لتقديم الفلسفة والفكر العميق. بينما يمكن للكتابة السطحية أن تجذب الجمهور مؤقتاً، إلا أن الدراما التي تستند إلى الأفكار الكبرى هي التي تظل في الذاكرة وتؤثر في المشاهدين على المدى الطويل.